السبت، 28 فبراير 2015

الجهادي جون

الجهادي جون" ذبّاح الرهائن الغربيين في "الدولة الاسلامية" بات نارا على علم في بريطانيا ويقدم خدمات اعلامية "جليلة" لـ"دولته".. لماذا هذه المبالغة الاعلامية به؟ وما هو خطرها على الجالية الاسلامية في بريطانيا؟ وهل يفي كاميرون بعهده ويقدمه للمحاكمة وكيف؟
بريطانيا مشغولة حاليا بـ"الجهادي جون" او "الذباح" الذي تولى اعدام الرهائن البريطانيين والامريكيين ذبحا امام الكاميرات، وظهر في اكثر من شريط على شبكة "اليوتيوب" وهو يقف منتصبا ملوحا بسكينه الحاده، وامامه ضحيته في لباسها البرتقالي الفاقع.
هذه الهيستيريا الاعلامية والرسمية تؤشر الى مدى نجاح استراتيجية "الدولة الاسلامية" في بث الرعب في صفوف الغربيين اولا، واحتلال العناوين الرئيسية في الصحف ونشرات التلفزة.
اختلفت الروايات حول هذا "الذباح" الذي قيل ان اسمه محمد اموازي ويحمل الجنسية البريطانية ومن مواليد الكويت، فمن قال انه اراد الانضمام الى تنظيم الشباب الصومالي المتشدد، وسافر الى تنزانيا لهذا الغرض، ومن اكد انه كان تحت مراقبة البوليس السري البريطاني ولكنه نجح في الذهاب الى سورية والانضمام الى "الدولة الاسلامية" وتخصص في ذبح الرهائن لانه يتحدث اللغة الانكليزية كأهلها.
وقبل "الذباح" جون اهتمت اجهزة الاعلام البريطانية بثلاث فتيات "ارهابيات" لا تزيد اعمارهن عن 15 عاما ذهبن الى اسطنبول والتحقن بصفوف "الدولة الاسلامية"، وتبين بعد ذلك انهن لم يذهبن الى سورية من اجل الجهاد، وانما الزواج من مجاهدين اسوة باحدى صديقاتهن التي فعلت الشيء نفسه.
ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني قال انه سيبذل كل جهد ممكن لالقاء القبض على "الجهادي جون" وتقديمه الى العدالة، ولكن لم يقل لنا كيف سينفذ تعهده هذا، فهل سيرسل قوات بريطانية خاصة من اجل هذا الغرض؟ وماذا لو فشلت هذه القوات في مهمتها.
ذهاب شباب مسلم للالتحاق بالجماعات "الجهادية" المتشددة كان نوعا من الاعمال البطولية في نظر الحكومات الاوروبية، والبريطانية منها خصوصا في بداية الازمة السورية، حيث كان رئيس الوزراء كاميرون اكثر الزعماء الاوروبيين حماسة لرفع الحظر عن ارسال السلاح الى سورية، وتسليح المعارضة السورية لتسريع الاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد ونظامه، الآن والازمة السورية تدخل عامها الخامس، ونجاح النظام في الخروج من عنق الزجاجة، تحول هؤلاء "المجاهدون" الى "ارهابيين" في نظر حكوماتهم.
"الذباح جون" لا يستحق كل هذه الضجة فهو مجرد "منفذ" لتعليمات رؤسائه، ومحاكمهم الشرعية التي تصدر احكام الاعدام وهو يقتل ذبحا من المسلمين اضعاف ما يقتل من البريطانيين والامريكان.
ويبدو ان "الدولة الاسلامية" تملك هيكلية واضحة لمسألة الاعدامات هذه التي توظفها في خدمة الجزء الاهم في استراتيجية الترهيب والارعاب، فالجلاد جون لم يكن هو الذي اشعل فتيل الحريق الذي التهم الطيار الاردني معاذ الكساسبة، مما يعني ان هناك متخصصين في الذبح وآخرين في الحرق.
المشكلة التي تكمن خلف هذه الضجة الاعلامية حول "الذباح" جون تتمثل في كونها تصب في مصلحة تأجيج الاحقاد على ابناء الجالية الاسلامية في بريطانيا، وصب المزيد من الزيت على نار "الاسلاموفوبيا" التي تزداد اشتعالا وتترجم الى اعمال عنف وترهيب ضد المسلمين.
حصر ذبح الرهائن الغربيين في شخص مسلم بريطاني، رغم ان السلطات البريطانية لم تؤكد رسميا ان هذا الشخص هو محمد اموازي، فان هذا يعني توجيه اصابع الاتهام الى الجالية الاسلامية وتحميلها بصورة غير مباشرة مسؤولية تصاعد الارهاب والعنف.
لا يخامرنا ادنى شك في ان "الدولة الاسلامية" تمارس التوحش في ابشع صوره، وتتحمل المسؤولية الاكبر في اضفاء صفة الدموية على المسلمين، ولكن لا يمكننا تجاهل التدخلات العسكرية الغربية في العراق التي وفرت الاسباب لنمو هذه الظاهرة وتوسعها ووصولها الى ما هي عليه حاليا، وهي اسباب معروفة ولا يتسع المجال لسردها.
"راي اليوم"

0 التعليقات:

إرسال تعليق