الأحد، 19 أبريل 2015

جمهورية الولايات العربية الشعبية المتحدة وحكم المافيا وأنانية وبغض النظام الرسمي للشعوب العربي!


جمهورية الولايات العربية الشعبية المتحدة وحكم المافيا وأنانية وبغض النظام الرسمي للشعوب العربي!

dralalheali.jpg555

أ . د . علي الهيل

العالم أو إن شئتم “الوطن العربي” هو بحكم الجغرافيا والتاريخ والثقافة  ولايات عربية وإنْ كانت ليست متحدة لا سياسيا ولا إقتصاديا ولا عسكريا ولا شيئاً ضمن الإطار الرسمي والأسباب معروفة للجميع أوتكاد. أما شعبيا فالعالم العربي متحد ومتوحد ويكاد يكون واحداً وبهذا المستوى يستحق فعلاً وقولاً أن نطلق عليه مفهوم “الوطن العربي”.

الشعوب العربية تفهم بعضها بعضاً إلى حد كبير وأحياناً إلى درجة تثير الذهول وكأنهم أفراد أسرة في بيت عائلي واحد مما يثير استغراب كثير من الأجانب أوروبيين وأمريكيين وغيرهم وإن كانت لغاتها العربية الدارجة متباينة تختلف هنا كثيراً وتختلف هناك قليلاً بَيْدَ أن في السياق العام تتواصل الشعوب العربية مع بعضها وتتفاهم وتتفهم بيسر وسهولة وسلاسة بشكل يندر وجوده في دول الإتحادات الكونفيدرالية وحتى الفيدرالية فالتواصل الشعبي العربي يكاد يكون نسيج وحده.

من المغرب حتى قطر يضحك العرب على نكات وطرائف بعضهم حتى قبل أن يكمل الواحد منهن أومنهم نكتته أوطُرفته لأن معظم نكات الجماهير العربية تعكس همومهم السياسية والإقتصادية وضيقهم ذرعاً من أنظمة متكلسة ومتعفنة ترقد على أنفاسهم وتجثم على صدورهم منذ عشرات العقود والأنكى والأمر من كل ذلك تحول دون قيام ولايات عربية متحدة رغم كل مظاهر ومخابر وأشكال ومضامين التجانس التلقائي العفوي الطبيعي الذي إنْ وجد أنظمة سياسية ناضجة وواعية لَسهُل قيام “جمهورية الولايات العربية المتحدة” دونما نَصَبٍ أولُغوبٍ أوتعسف أوجهد أوعناء.

من لا يتذكر – على سبيل المثال – نكتة أن الشعب المصري لم يعد يستخدم “عيدك مبارك” لتهنئة بعضهم بعضاً بالعيد لأن مبارك قد سقط وإنما أصبح يستخدم “عيدك مُرسي” والآن “عيدك سي سي!” ومَن مِن المواطنين العرب حين يلتقون في العالم العربي أوفي مواطن السياحة العالمية في لندن أوباريس أوفرانكفورت أوغيرها لا يضحكون على تصريح الرئيس الجزائري الأسبق (الشاذلي بن جْديد)  يرحمه الله، الذي سارت به الركبان نكتة أوطُرفة بين جوانح الوطن العربي الكبير تناقلتها الألسنة العربية حينما قال الرئيس (بن  جْديد) في تصريحه ذاك: ” بْلاد ما فيها مشاكلْ مَبْ بْلاد والحمد لله أن بْلادنا (الجزائر) ما فيها مشاكلْ! ومن لا يضحك من الشعوب العربية على نكتة القَطري والمصري واللبناني عندما التقوا في لندن فقال المصري: “هل سمعتم بالبحر الأحمر؟! جدي صبغه!” وقال اللبناني: “هل سمعتم عن البحر الميت؟! أبي قتله!” فانبرى القَطري لهما قائلاً: “هل سمعتم عن المحيط الهندي أنا كافله ” وللتوضيح لأن القطريين معروفون بكفالتهم للعمالة الهندية. ومن من المواطنين العرب لم ينكت على سقوط الطائرة التي كانت تقل الرئيس الراحل (ياسر عرفات أبوعمار) في الصحراء الليبية ونجاة الزعيم الفلسطيني الراحل فأطلقوا نكتة إستفهامية : “هل تعلمون لماذا لم يمُت عرفات؟ لأنه  وقع على شفايفه (براطمه) لأن الزعيم الراحل كان متميزاً بشفتيه إذ كان – يرحمه الله – ذا شفتين كبيرتين! ومن في “الوطن العربي” لا يردد قول صاحب مقهى الإنترنت التونسي الذي كانت (الجزيرة) تنقله يوميا والذي كانت المرارة والصدق والعفوية معاً تنضح منه نضحاً: “لقد هرمنا. .هرمنا..هرمنا”. أي بلغنا من الكبر عتيا ولم يتغير “الوطن العربي ” وإن كان حظ تونس أفضل بل هي الثورة الشعبية البوعزيزية العربية الوحيدة التي نجحت بفضل عقلانية وواقعية (حزب حركة النهضة التونسية) ومنظرها وقائدها الواعي (الشيخ راشد الغنوشي).

فقد أفضى ( تفهم الشيخ الذي تنازل تقريباً عن كل شيء لإرضاء الشرائح العلمانية والليبرالية والنقابات العمالية أونقابات الشغل رغم أن حزبه كان الفائز الأكبر في الإنتخابات ) إلى تقديم مصلحة البلاد على مصلحة حزبه إدراكاً منه بطبيعة التركيبة الفكرية الأيديولوجية للشعب التونسي مما حال دون انزلاق البلاد إلى ثورة مضادة كما في مصر وليبيا واليمن وسوريا إلى حد كبير .

إذن نخلص من كل ذلك ؛ إلى أن النكتة السياسية التي تتداولها الشعوب العربية في “الوطن العربي “عبارة عن (فشة خلق) أوتنفيس عن ضجرهم من الأنظمة السياسية العربية . إن كل الشعوب العربية بالإجماع ترى أنه  نتيجة إيثار النظام الرسمي العربي لمصالحه العائلية أوالحزبية أوالطائفية ذات النظرة الضيقة التي لا تتعدى أنوفهم يضحون بمصلحة الشعوب العربية في الوحدة والديمقراطية والعدالة الإجتماعية والمشاركة قي السلطة والثروة.  فالشعوب ترى أن استئثار المؤسسة الحاكمة بالثروة والسلطة وبغيرهما لنفسه ولأتباعه الذين يُؤمنون (أي يقولون أمين) لكل شيء يقرره الحاكم من عندياته حفاظاً على مصالحهم الأعمالية والمالية وامتيازاتهم الأخرى هوفي الواقع (حكم مافيا) ومؤشر صارخ على مرضٍ عُضالٍ مزمنٍ مدمنٍ للأنانية وبغض الشعوب . ونتيجة لذلك فإن مثل هذا النمط من الحكم لم يعد إستمراره متساوقاً مع روح العصر وتطلعات الشعوب العربية. وما اندلاع الثورات الشعبية العربية في بعض البلاد العربية ومظاهر التململ في  بلدان عربية أخرى وما يثيره الجمهور العربي على صفحات وسائل التواصل الإجتماعي إلا تعبيراً عن احتقانات قد بلغت الحلقوم وتجاوزته وفاض الكيل وبلغ السيلُ الزُّبى.

أستاذٌ جامعي وكاتبُ قطري

0 التعليقات:

إرسال تعليق