الأربعاء، 6 يناير 2016

الجمهورية الإيرانية أخطأت بحق “الدبلوماسية” السعودية حتى بوجود “المندسين” واعتذرت لكن ماذا عن المملكة هل يحق لها كالشاعر مالا يحق لغيرها؟! .. “مفيش مشكلة خالص” عندما لا تحضر الإيحاءات الجنسية ومن لا يعجبه فليذهب إلى “فيفي”! .. وقذائف “النظام السوري” تواجه سفن إمبراطورية “إم بي سي” وبين هذا وذاك حتماً “الاشمئزاز″ سيصيبني!


الجمهورية الإيرانية أخطأت بحق “الدبلوماسية” السعودية حتى بوجود “المندسين” واعتذرت لكن ماذا عن المملكة هل يحق لها كالشاعر مالا يحق لغيرها؟! .. “مفيش مشكلة خالص” عندما لا تحضر الإيحاءات الجنسية ومن لا يعجبه فليذهب إلى “فيفي”! .. وقذائف “النظام السوري” تواجه سفن إمبراطورية “إم بي سي” وبين هذا وذاك حتماً “الاشمئزاز″ سيصيبني!

khalid-jayyousi.jpg555

خالد الجيوسي

لم يتمالك شبان إيرانيون أنفسهم عند سماع نبأ إعدام الشيخ نمر النمر على يد السلطات السعودية، فثارث بهم الحمية كما نقلت وسائل الإعلام، واحتجوا أمام قنصلية العربية السعودية بإنزال علمها، وحرقوا جزءاً من المبنى في محافظة خراسان، أما في العاصمة الإيرانية طهران فتطورت الأمور سريعاً بالمتظاهرين لدرجة أنهم اقتحموا أسوار سفارة المملكة العالية، وقاموا بحرق بعض صور قادة العربية السعودية!

هذه التصرفات “المتهورة” بالتأكيد تمت بعلم السلطات الإيرانية، وربما بغض الطرف من قبلها، حتى مع وجود بعض “المندسين” الذين قيل أنهم المسؤولون الوحيدون عن الحادثة كما قيل في سياق بعض التبريرات الإيرانية، هو بالتأكيد غضب شعبي ورسمي إيراني على “تصفية” الشيخ النمر “الشيعي”، لكنه كان من الأفضل أن يتم ضبط الأعصاب، والتعامل بروية مع الحادثة، فالسعودية وكأنها تبحث للجمهورية الإسلامية عن أي خطأ، حنى تظهر للمجتمع الدولي بأنها هي المظلومة، و “الشيطان الإيراني”هو المذنب الدائم بحقنا، والاعتداء على بعثتين سعوديتين سلميتين في إيران “هفوة” متعمدة لا يبررها إعدام النمر أبداً.

السلطات الإيرانية أدركت تماماً، وسريعاً تلك الهفوة الغير مبررة بحق الدبلوماسية السعودية، وتأسفت بكل ثقة أمام مجلس الأمن عن ذلك الاعتداء، بل تعهدت أنها لن تدخر جهداً لتوقيف وإحالة المسؤولين عنه إلى القضاء، ووعدت بأنها ستتخد جميع الإجراءات الضرورية لعدم تكرار مثل هذه الحوادث، السعودية بدورها لم تتقبل “الأسف” الإيراني أو بل الأحرى لا تريده، وطالبت إيران بالأفعال لا الأقوال لوقف الانتهاكات!

صحيح أن مشاهد الاعتداء، والتي وثقها الشبان الإيرانيون بمقاطع فيديو متنوعة على “اليوتيوب” “مستفزة” للسعودية، وغير مقبولة بالأعراف الدولية مهما كانت الظروف، لكن في النهاية الجمهورية الإيرانية اعتذرت عن خطئها، ولم تماطل في تبريره، وتعهدت كذلك بمحاسبة المسؤولين عنه، على عكش ما فعلت السعودية مثلاً في حادثة تدافع منى، والتي كان أكثر ضحاياها من الحجاج الإيرانيين، وطالبت بلادهم حينها فقط بمعرفة الأسباب الحقيقة التي أدت لوفاتهم، ونذكر على ما نذكر أن هناك لجنة سعودية أوكل إليها التحقيق في الحادثة، وكل ما تم إعلامنا فيه أن القدر هو المسؤول الأول والوحيد عن أرواح هؤلاء الضحايا، وكل من حاول معرفة مصير مواطنيه الحجاج، اعتبرته “مملكة النفط” يتدخل في شؤونها، واستقلال سيادتها!

نحن هنا بالطبع لا ندافع عن إيران، لأننا بطبيعة الحال لا نقبض رواتبنا منها، ولا نكن بأي ولاء لها، ولا يعنينا فيها إلا بوصلتها الموجهة نحو فلسطين بلادي المحتلة، ودعمها لحركات المقاومة فقط، لكننا هنا نقارن، ونتحدث عن الواقع ونسأل هنا بكل براءة، هل السعودية كما ذاك الشاعر الذي يحق له مالا يحق لغيره؟! نسأل، وبالطبع لا ننتظر إجابة!

بين صبحي وفيفي!

يحاول الفنان المصري محمد صبحي الإبقاء على الذوق الفني والراقي الذي لطالما افتقدناه في البرامج الكوميدية الدارجة هذه الأيام، والساخرة من الواقع، سواء كان ذلك واقعاً اجتماعياً أو سياسياً، أو اقتصادياً وإلى ما هنالك، وهذه الحالة الإعلامية الراقية، يواصل صبحي تقديمها أسبوعياً عبر برنامجه “مفيش مشكلة خالص”، على الشاشة المصرية قناة “سي بي سي”.

البرنامج، ومنذ انطلاقته ترك عند الجمهور العربي علامة فارقة، حيث أنه تناول العديد من المشاكل المتأصلة في المجتمع المصري، التي تشابه كل مجتمعاتنا من التعليم والتعصب، والمرأة، والواسطة، وتناولها من منظور كوميدي ساخر، لا يتخلله تلك الإيحاءات الجنسية، وذلك التجريح المتعمد للشخصيات بعينها، والتي اعتمدها الكثير سبيلاً لجذب ملايين المشاهدين، وباسم يوسف الإعلامي الساخر كان أبرزهم، إن لم يكن معلمهم!

بعض الانتقادات التي طالت الفنان صبحي، قالت أنه لم يقدم حلولاً، وبالغ قليلاً في استجرار العواطف المبالغ فيها، ربما يكون “ونيس″ قد أدخلنا في العالم الأفلاطوني قليلاً، وبالغ بالفعل عن نية طيبة، لكنه لطالما أكد عبر حلقاته أن الحل في تغيير نفوسنا حتى تتغير أوطاننا، وتحل مشاكلها، وإذا كانت الحكومات التي تدير البلاد والعباد عاجزة عن حل مشاكلنا المتأصلة، أعتقد أن محمد صبحي نجح على الأقل في تسليط الضوء عليها بطريقة تحترم عقولنا، وثقافتنا وعاداتنا، ولا تحفز شهواتنا لمشاهدته، وتستطيع العائلة مهما اختلفت أعمارها حضوره دون الحاجة إلى وجود تحذير ضرورة وجود الأهل، ومن يضيق بصبحي برأينا يستطيع الذهاب لمشاهدة فيفي!

قذائف الأسد لا تأتي كما تشتهي سفن “إم بي سي”

مجدداً، لا يمكن لقناة “العرب” كل العرب “إم بي سي” إلا أن تتلاعب بالمشاعر الطفولية التي يملكها جمهورها “العربي” الساذج، ومجدداً لا بد للأزمات الدموية أن يستفاد منها لجذب العيون المتسمرة على الشاشة الأقوى، والأحلى، والأفضل، هي تلك “إم بي سي”!

الطفلة السورية غنى حمدان التي ظهرت في الحلقة الأولى من برنامج “ذا فويس كيدز″، استعانت بها القناة كونها قادمة من سوريا المدمرة، هاربة من أصوات القصف، مشتتة، خائفة، طفولتها ضائعة، وتغني أمام لجنة التحكيم المكونة من العراقي كاظم الساهر، اللبنانية نانسي عجرم، والمصري تامر حسني، لتغني أغنية أعطونا الطفولة!

المشاهد البسيط، وحتى بعض النخبوي منه، يعتقد أن الطفلة السورية حمدان جاءت هكذا بمحض الصدفة، وأن المشاعر المتطايرة من نانسي مثلاً كانت عفوية، وهذا التضامن مع السوريين لا يقف وراءه “دولة عميقة” إن جاز التعبير في الإعلام، تتحكم في مجريات الأمور، وكما أوهمتنا “الإم بي سي” بمحمد عساف الغزاوي، وألهتنا بالمحجبة نداء شرارة، لربما ستفعلها وتتراقص على أحزان الطفلة المذكورة!

اللافت أن الرئاسة السورية سارعت مباشرةً لبث فيديو للطفلة وهي تغني أمام السيدة الأولى أسماء الأسد عقيلة الرئيس السوري بشار الأسد قبل مشاركتها بالبرنامج، وهي كأنما تحاول قطع الطريق على القناة “السعودية”، في محاولة ونية مبيتة لإظهار الطفلة أنها إحدى ضحايا نظام سوريا “الفاشي الدموي”، والهاربة من براميله المتفجرة، وقذائفه المتسلطة، فهي أي الطفلة على ما أظهر الشريط من المؤيدين للرئيس الأسد، على الأقل لأنها تغني أمام عقيلته، لربما جاءت الرياح كما لا تشتهي سفن إمبراطورية “الإم بي سي”!

في المحصلة هي معركة إعلامية تدعو إلى القرف والاشمئزاز من كلا الطرفين سواء إعلام النظام أو خصومه، فكلاههما يحازل استغلال براءة الطفولة لمصالحه الشخصية،  فالنظام السوري يحاول “تلميع″ صورته بأنه محب لأطفال بلاده، ويستمع لمواهبهم حتى في ظل الأزمة الراهنة، وخصومه يحاولون استغلال دموعهم، لإدانة حلوله الأمنية التي جرت البلاد إلى حالها البائس، وبين هذا وذاك يستمر تحويل الدماء السورية والعربية ليست استثناء إلى قاعة في معرض، كل يرسم فيها ليلاه!

كاتب وصحافي فلسطيني

0 التعليقات:

إرسال تعليق